{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (47)}قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً} قال بعض النحويين: التقدير والباقيات الصالحات خير عند ربك يوم نسير الجبال. قال النحاس: وهذا غلط من أجل الواو وقيل: المعنى واذكر يوم نسير الجبال، أي نزيلها من أماكنها من على وجه الأرض، ونسيرها كما نسير السحاب، كما قال في آية أخرى {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ} ثم تكسر فتعود إلى الأرض، كما قال: {وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا. فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا}. وقرأ ابن كثير والحسن وأبو عمرو وابن عامر {ويوم تسير} بتاء مضمومة وفتح الياء. و{الْجِبالَ} رفعا على الفعل المجهول. وقرأ ابن محيصن ومجاهد {ويوم تسير الجبال} بفتح التاء مخففا من سار. {الجبال} رفعا. دليل قراءة أبى عمرو {وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ}. ودليل قراءة ابن محيصن {وتسير الجبال سيرا}. واختار أبو عبيد القراءة الأولى {نُسَيِّرُ} بالنون لقوله: {وَحَشَرْناهُمْ}. ومعنى {بارِزَةً} ظاهرة، وليس عليها ما يسترها من جبل ولا شجر ولا بنيان، أي قد اجتثت ثمارها وقلعت جبالها، وهدم بنيانها، فهي بارزة ظاهرة. وعلى هذا القول أهل التفسير.وقيل: {وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً} أي برز ما فيها من الكنوز والأموات، كما قال: {وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ} وقال: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها} وهذا قول عطاء. {وَحَشَرْناهُمْ} أي إلى الموقف. {فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً} أي لم نترك، يقال: غادرت كذا أي تركته. قال عنترة:غادرته متعفرا أوصاله *** والقوم بين مجرح ومجدلأي تركته. والمغادرة الترك، ومنه الغدر، لأنه ترل الوفاء. وإنما سمى الغدير من الماء غديرا لان الماء ذهب وتركه. ومنه غدائر المرأة لأنها تجعلها خلفها. يقول: حشرنا برهم وفاجرهم وجنهم وإنسهم.